على الوعد

بدأت هذا الصباح على أرض مرتبكة. لكنها أرض نعرفها وتعرفنا، صاحبناها زمناً وصاحبتنا أزمان. 

الحلّ مع الأرض المرتبكة؟ أن تبحث عمّا يثبّتها. 

لوهلة فكرت أنني عصفور. أرغب في الوقوف على شبّاك وأتأمل خيار التحليق يلوّح لي في الأفق. لكني تذكرت، أو بالأحرى عمدّت إلى التذكّر، وقلت أنني شجرة. أتجذّر في مكاني. وإن تحركت، فالرحلة تنوي في أصلها العودة. لا أرغب في الابتعاد. لا أودّ الاختباء. لا أنوي الطيران. 

سمعت قصيدة ونصف لإيليا أبي ماضي. أتأسّى بكلماته كما تمتدّ يدٌ لتتشبّث بقلادةٍ على الصدر. أسمح لبدو الأشجان أن يحطّوا رحالهم في قفصي الصدري. أهدأ. أعدّ لنفسي كوباً من الشاي وساندويتش من جبنة الفيتا البيضاء. يتوقف الوقت. يصغي مليّاً لهدوئي وهو مرتاب. 

لدي كتب. الحمدلله على نعمة الكتب، وعلى نعمة قراءة الكتب، وعلى نعمة إرادة المعرفة والفهم. تحصل أمور في العمل. لا بأس، لا يُحزنني ذلك ولا يسرّني، هذا أمرٌ يخصّهم، لديهم ” همومهم وتعقيداتهم” كما لدي همومي وظفائري التي أفكّها واحدةً تلو الأخرى بفضل ربي والنوايا السليمة

أغمس جذعي تغميسة خفيفة وسريعة في حكايات الأحباب، ترتفع أصواتهم بالحديث والضحك لأن أحبابي أصواتهم عالية وضحكهم سريع الاشتعال. حفظهم الله. أبتسم. أعود لهدوئي ولمكاني المتمهّل بالصمت. 

تقول لي صديقتي في مسج أن الطلبية التي “اقتنصتها” لي من أمازون عادت لسعرها المعقول. نتشارك الابتسام السعيد الشرير. أشاهد فيديو عاليوتيوب، وأتحدث مع أعزّ الناس المستلقية على سرير التعافي من وعكة صحيّة شديدة ألمّت بها وبنا بالتبعية. 

أسمع صوت الهدوء. وكأنه هواء في أسطوانة سحب عملاقة. أتذكر أغنية نوال الزغبي ” سامع صوت الهدوء“. أضحك للمقارنة الشاعرية السامجة وأشعر بين يدي بحبّات الرمل التي كانت ترافقني على الشاطئ بينما أستمع لها لأول مرة ربما في ٢٠١٦؟ لا أتذكر. 

يمتد النهار أمامي. لا أعرف ما الذي سأفعله بعد. سأترك العنان لعقلي. أعرف أنه سيعود لي ومعه العنان. 

أضف تعليق