يقرُ بعينيْ أن سهيلٌ بدا ليا..

الممثلة في المسلسل الكوري الذي بدأت متابعته رغم بعده- الشديد- عن خطوط القصص التي عادةً ما تروق لي، ترتدي طيفاً محدداً من الأصفر. 

أصفر حليو جداً. في وقت سابق ربما سيذكرني بموضات ٢٠١٠ التي لم تكن تروق لي كثيراً وقتها، لكنه اليوم يجذبني بدون أي متعلّقات مستفزّة أخرى. أتساءل إن كنت سأجد شيئاً يشبهه أونلاين، لكن ما يثير خيالي أكثر هو شرائي لقماش بنفس الدرجة. لا أريد تصميم ثوب كامل منه. أريده قطعة علوية. بلوزة يعني. لسبب ما يناسبني أن أتخيل القطعة العلوية الصفراء، بينما لا أشعر بالحماس ذاته عندما أفكر: “بلوزة صفراء”. 

لم إذن أتابع المسلسل مع أن قصته ليست مما يروق لي؟ لأني عرفت عنه من فيديو على التيكتوك، عن الشخصية التي تعتني وترفق بشريكها. هذا خط أود متابعته، ولذلك أفعل. 


في بداية السنة الماضية فكرت: هممم. نعرف يا فاطمة أن لديك موقفاً متحيّزاً في ذلك الأمر. ورغم أن هذا التحيّز قد خدمنا أوقاتاً كثيرة، ممتنّون، لكن العدل أحرى بأن يُتّبع. فلعلنا في هذه السنة ننوي أن نتخذ موقفاً أكثر حيادية. أكثر طيبة. 

ثم نسيت الأمر. أو ربما ذكرته مرة أو مرتين بالأكثر. ولم أفعل بشأنه أي شيء. لم أقرأ، لم أناقش، لم أمحّص ولم أتأمل. 

في سبتمبر الماضي حضرت جلسة لأن صديقتي طلبت مني مشاركتها في أمر تجد صعوبة في الحديث عنه. مرّت الجلسة على مايرام. لم أتحدث أبداً سوى باستجابة شاكرة وسريعة لثناء الأخصائية على حضوري دعماً لصديقتي. في آخر الجلسة قالت السيدة عبارة في نفس الموضوع- الذي لا يخصّني إطلاقاً- ثم اتفقت مع صديقتي على الخطوات القادمة، وسلّمنا ومشينا. 

خلال الأسابيع التي تلت تلك الجلسة تكشّفت لي أمور تلو أمور. بسبب تلك العبارة ” العابرة”. هي بالتأكيد بديهية لكثيرين. لكنها لم تكن كذلك أبداً لي. وصلت لدرجة أنني عندما أستعيد الجملة المكوّنة من ٥ كلمات، تدمع عيناي وأتأثر. وعندما أسأل نفسي عن هذا الدمع، أجد أنه حزن الفراق. فراق القصّة التي لطالما ظننتها القصة. وبتّ الآن، وقد أفصحت لي عن حقيقتها، أتطلّع إلى سماء أخّاذة، لامعة بالنجوم، لكن نجمي الذي لطالما صحبني ليس موجوداً بينها. 

تفيدني النصيحة الإنجليزية التي لم أكن أفهمها في سنواتٍ مضت: اجلس مع مشاعرك. بمعنى اختبرها. خليها تتخللك، أو تهطل عليك، دون أن تحرّك ساكناً. ستأخذ وقتها في التواؤم مع مكانها الجديد وبقية قصصك. ثم تستطيع بعدها التعامل مع ما جدّ بعين صافية وقلب متّزن.  

أجلس مع الحقائق الجديدة. حقائق، مواقف، عواطف، ذكريات، أفكار. أحزان. أفراح. 

أجلس على كرسيٍ مريح. يجلسون على كرسيٍ مقابل. يعمّنا صمتٌ مُحمّل بالعاطفة، لكنه سكوتٌ متفاهم مع بعضه البعض. مع بعضنا البعض. نجلس. نتونّس. يحتملون بعضاً من أحزاني. يطلبون مني المعونة في قيادة السفينة إلى شواطئ السكينة. 

لا نحتاج للحديث. يهدينا الصمت. 


لطيفة كانت تقول ” عايزة حب يهزّ فؤادي ده أنا ملّيت من الحب العادي”. 

خلال السنوات الماضية كان عدد الروايات الجديدة التي أقرأها في السنة لا يتجاوز الخمسة روايات، هذا إن كنت محظوظة. مؤخراً قررت أن معاييري- في الروايات، حياتي الشخصية ولله الحمد خالية من الدراما- مثل معايير لطيفة. ووين ودّت معايير لطيفة لطيفة؟ 

فخلاص. بسّنا معايير يا عبيد. عالأقل في الروايات والمسلسلات. خلينا نعبّي مساحات الخيال القاحلة بأشياء أقل من المطلوب، حتى تصبح هي المطلوب. المفاجأة أن هذه الاستراتيجية آتت بثمارها. كِندلي ملييء بالروايات التي قرأتها وأمضيت ساعات لطيفة جداً معها. جدول مسلسلاتي أيضاً فيه طابور ينتظرني بعد أن كنت أجد صعوبة في أن أجد شيئاً يروق لي. 

هذه تطوّرات يسرّني أن أنقلها معي للسنة الجديدة. 

إجازة أسبوع هانئة. 

رأيان حول “يقرُ بعينيْ أن سهيلٌ بدا ليا..”

  1. من سنتين اشتريت بلوزة بنفس اللون الذي ترتديه بطلة المسلسل الكوري..
    حين ارتديتها لأول مرة الجميع استغرب لأن هذا اللون مستحيل بالنسبة لي فصرت كأني شمس ساطعة وسط الليل😅 وفي نفس الفترة اشتريت بلوزة ساتان ذهبية🙆🏻‍♀️
    واشتريتها لهدفين الأول التجربة أريد أن أجرب شيء جديد خارج ما اعتدت عليه
    الثاني روحي احتاجت هذا اللون! وساعدني أكون أكثر ثقة وثبات..
    فالألوان مراحل نقدر نعبّر فيها عن مشاعرنا أكثر من الكلام أحياناً

    Liked by 1 person

أضف تعليق