اليوم قررت الاستسلام للروتين الجديد الذي يطالبني به يومي.
منذ أسابيع وأنا أقاوم. آكل وأنا لا أشعر برغبة في الأكل لمجرد أن وقت الفطور قد حان ولا أحب فكرة الفطور المتأخر. أبدأ عملي وعقلي يطلب مني أن أعطيه وقت أطول قليلاً ليتفاهم مع الدنيا من حوله. أستهلك مواداً متخصصة وأنا أميل لغيرها لأنني في العادة أرغب باستهلاكها.
قبل قليل ألقيت بنفسي على كرسيي المفضّل الذي ألجأ إليه أوقات الراحة أو في آخر اليوم، ودعوت الروتين الجديد ليجلس على الكرسي الآخر أمامي. تفضّل، حضرتك ايش تبغى.
لأنه واضح إنك تبغى شيء أنا ما أعرفه ولم أتعوّد عليه في يومي. تريد مني ألّا آكل لساعات طويلة بعد استيقاظي. وكذلك ألّا أشرب الماء. معقولة. خلينا نشوف آخرتها. وتريد القهوة على الريق؟ هذا مالا أستطيع أن أجيبك إليه بطيب خاطر.
لا تريد منّي أن أعمل على المشروع الذي بين يدي، وتعرض علي أن أقرأ إما في كتاب ” تاريخ قريش” للدكتور حسين مؤنس رحمه الله، أو أن أكمل رواية ” أعمدة الأرض” التي أقرأها في المساء؟ صعبة وقوية والله. لا أظن أنني سأفعل ذلك، لكني أعدك بأن أفكر جدّياً في الأمر.
ماذا عمّا أريده أنا؟
بسيطة- لا ليست كذلك- أريد أن أعرف ما السبب الذي يُخلّ بالرّتم. كلما اقتربت منه اختفى. شيء يشبه الحزن. ويشبه الفراق. ويشبه الرهبة من القرارات التي صار لنا وقت نأجّلها وحان وقتها الآن.
وِلْ. بمجرد أن وصلت للسطر السابق أدركت أن أحاسيس كهذه تحتاج للرفقة. لا تنمو وحيدةً في التربة. أغلقت الصفحة، تركت ضيفي الثقيل على كرسيه لوحده، وقضيت وقتي مع الصحبة المؤنسة.