بعد يومٍ مُرْتَبِك

أم كلثوم تغني ” يورد على خاطري، كل اللي بينّا اتقال. ويعيش معاك فكري، مهما غيابك طال”.

عباية مكوية ومعلّقة قبالي، تذكّرني بموعد الغد الذي يفترض أن أستعد له عقلياً، وبمكالمة هاتفية أحتاج لأن أجريها منذ الأمس، ولا يستحق صاحبها الكريم لأن يتساءل عمّا إن كنت سأعاود الاتصال به.


ولكنّي أشكو من التحوّل إلى حالة روحانية بحتة. بعد أسابيع.. ( أو هي شهور؟) من استجابتي الكلّية لمطالب عقلانية وديدلاينات وأفكار تسعى إلى التمام والضبط.

بالأمس سألت ناسي على تويتر. ما الذي تفعله لتصحيح مسار يومٍ مرتبك. وأتت ردود تطيّب الخاطر. بين جدّ ولعب. بدلاً من أضع خطة لئلا يتكرر ارتباك البارحة، قررت أن أرفع أشرعتي وأرخي مرساتي اليوم.

نمت للحادية عشرة صباحاً. تناولت يومي بكسل يتجاوز الكسل الطبيعي. كسلي اليوم بلا غاية ولا مطالب ولا أمل. تجاهلت عن عمد الصوت العقلاني المهذّب الذي يقترح علي أن أبدأ في كذا، وأنني بمجرد البدء سأجد أرضاً ثابتة من جديد. شاهدت بعض فيديوهات اليوتيوب. استمعت لموسيقى مفضّلة عشرات المرات لم أتجاوزها لغيرها. أعدت معلّقة عمرو بن كلثوم بصوت فالح القضّاع مرات ومرات، حواجبي ترتفع في كل مرة لمعنى جديد. فكرت في الخروج لجدّة، ولكني وجدّتها في منزلي فعدلت عن الفكرة.

الساعة الآن العاشرة. صوت المسؤولية جالس على كرسي في الركن ينتظر ” آخرتها معي”. عقلي مرتاح، يقول ” ياسلام. سوّي اللي تبغيه خلينا نعيش، ملحّقين على الجدّ”. أتذكر أمسية البارحة. زيارة الصديقة لوقت متأخر. جلوسنا سوية بين كلام وونس بلا كلام. العيون اللي سوادها أسود وبياضها غاية البياض، تلتقي بعيني في المرآة أمامي وتضحك لي. أتذكر فكرة الأمس. أن كل مايريده الإنسان أحياناً هو صحبة مادّية تفهمه ويفهمها. وأن الرزق كل الرزق في وجودها من حوله. الحمدلله.

أكتب هذه التدوينة، وأعرف أنني بعدها إن شاء الله سأعود لمشاهدة شيء قديم ومفضّل على التلفزيون. وأنني لا أنوي، على خير، الذهاب للنوم في وقت مبكّر. ليلتي طويلة أمامي، وملحّقين، في ليالي قادمة، ولحّقنا في ليالٍ فاتت، على مشاوير الدنيا وعجلتها. أستسلم الآن، كطير يحمله الهواء في عالي السماء، للزرقة والخضرة والجبل والبحر والامتداد.

أضف تعليق