تعوّدت أن يزورني شبح من حزن غير مفهوم، وبلا سبب، بعد أيام أو أسابيع من الإرهاق العقلي.
كنت في البداية أتعامل مع الحزن لوحده، بمعزل عما قادني إليه. لم أكن أدرك العلاقة، إلى أن هدتني إليها صديقة طبيبة لديها اهتمام بكيمياء المخ.
التفسير الذي سأقوله الآن يعتمد تماماً على فهمي، وليس دقيقاً بشكل علمي بأي حال من الأحوال. لكنه يشرح الأمر لي كما أتذكر أنها شرحته. تقول أن العقل يقوم على موازنة كيميائية ما. فإذا تعرّض لظرف ضاغط أو مطالبات غير عادية، كرّس توازنه لإدارتها، وخلّف هذا التكريس ارتباكاً في الهرمونات المسؤولة عن إدارة المشاعر، وكأنها ذهبت لتخدم في جهة أخرى، وتركت حصنها معرّضاً لهجمات الشجن. بلا سبب.
هو حزن، يطمئنني أن أفهم ذلك، كيميائي. ولله الحمد والمنّة، وهذا الفهم يجعلني مرتاحة في التعامل معه بوصفه جزءاً من سياق. لا بأس.
نحن الآن وسط نهار الأحد، وعندي أشياء أحتاج القيام بها، ومواعيد مهمّة في منتصف الأسبوع أود أن أفي بها إن شاء الله. لكني بعد اجتماع قصير في العمل لم أعد إلى شاشة الكمبيوتر. أعددت إفطاراً سريعاً مع أن شهيتي لم ترحّب بالفكرة، وقضيت دقائق قليلة أستمع لقطعة مفضّلة. ثم فتحت النوتة هذه وكتبت كي أذكر نفسي بأن الأمور على مايرام، وأن السحابة الرمادية فوق رأسي مؤقتة، وربما تهطل قريباً بالمطر.