مافي شيء اسمه ” مافي أحد ياخذ مكان أحد”.
بالعكس. المزاحمة على العقار في حياتنا محمومة. أن تخرج اليوم مع فلان يعني أنك لن تقضي الساعات نفسها مع فلان آخر. أن ترفع الجوال وتشكي همّك لفلان يعني أنك لم تختر أن ترفعه لتشكي الهم للثاني. أن تسمح لأحدهم بأن يتسلّق ويعوشب على يومك يعني أن تسمح له بأن يخنق مصادر الهواء والماء من غالٍ وقريب ليس لديه القدرة، ولا الرغبة، أن ينافس هذه المنافسة التي لا تعرف المساحات الشخصية ولا حسابات التوازن.
والأيام تصير أسابيع، والشهور تصير سنوات. والسنوات عمر.
في النهاية يتقلص دور من تحبّه ويحبّك، من اختارك ومن تظن أنك اخترته، مقابل المساحات اليومية الشاسعة التي يقضيها الآخر معك. مقابل الاختيارات اللحظية الدائمة التي يشاركك في اتخاذها، والتي يعيشها معك. بينما- غالباً بدون قصد- تترك العزيز الغالي في المنفى، يعيش حياته طيّبة، مع ناس طيبين آخرين، لكنه فيما يتعلّق بك يجرّب صقيع الإقصاء والاحساس المتسلل، الذي يفضّل عدم الاعتراف به، بالهجر.
عنوان التدوينة من بيت للبردوني رحمه الله. ” لأن الفراغ اشتهى الامتلاء بشيءٍ، فجاء سوى المرتقب”.