يتعافى المرء بما يزرع

أحلّ عن عنقي سلسلتي الفضّية. أرمق بعيني أثناء هذه الثواني الطويلة بقية الحلي على محفظة الزينة الجلدية المخططة بالأبيض والأسود.

حلق فضّي مقوّس.

ثلاثة خواتم متشابكة.

واحدٌ منهم فقط تحيطه أحجار الزيركون.

نادراً ما أرتدي هذه التشكيلة. أميل أكثر إلى اللون الذهبي. فيروز تقول: وضحك رنين الذهب. وأنا ببريقه الدافئ أكون أنا. الذهب الأبيض بارد ولا يتفاهم مع ألوان بشرتي.

مع ذلك اليوم اخترته. كنت أودّ أن أستعين بأشيائي الجميلات. ولكنّ الذهب مشرق أكثر من اللازم. صاخب أكثر مما أتحمّله اليوم. اليوم أنا نبات ظلّ. ينمو بهدوء، وببطء، في ضوء خافت لا يكاد يبين.

منذ الصباح وكل شيء ثقيل عليّ. حتى أورادي، كمّلتها بنعمة من الله ولطف لكنها ما انسابت سهلة. ولم أقرأها كاملة. قرأت الضروري منها فقط. حتى حزب البحر الغالي علي، لم أقترب منه، لأنه يذكرني أن هناك بحاراً عليّ أن أخوض غمارها. وأنا اليوم أقف ساكنة. لا طاقة لي ولا رغبة بأن أتحرك من مكاني. عبء قبضة الانشغالات في رأسي يكفيني.

في الضحى تحدثت، بدون تخطيط أو رغبة في الفضفضة، مع صديقة مهمّة. أيوة، مهمّة. أحبّها وأحترمها وآنس برفقتها. لكني إن أردت وصفها بكلمة واحدة، سأقول أنها مهمّة. وأظنها تعرف جيداً، وسيعجبها، لم هي مهمّة. ومالم أتوقعه هو أن ينتزع حديثها الضحكات من عمق قفصي الصدري. ضحكات عالية. متفاجئة. مستمتعة بلذة هذا الحديث اللّماح المجنون- شوي مجنون، مو كثير- رغم إنه، حقيقي، مافيني حيل.

ضوء يأتي من انفراجة باب وسط جدار.

أقضي النهار وأنا أتحدث مع نفسي أن الأمور ستصبح أحسن. الطاقة المنخفضة تعود وتتعالى. من الصعب علي في هذه الحالات أن أتخيّل وقتاً طاقتي فيه تتقافز على السطح. ولكني حاولت.

في الظهيرة المتأخرة شربت قهوة مثلجة. قضيت وقتاً طيباً في صحبة حساب عرفني وعرفته من هذه المدوّنة. حساب فيه بخور، وفيه ورد، وفيه تفاهم، وفيه تجاوز لحواجز وحسابات داخلية.

بدأت الطاقة تتثاءب وتمد يدها إلى الأعلى. وكأنما أخذت لها قيلولة صغيرة مكّنتها من أن تعود للحياة بعض الشيء. يتعافى الإنسان- أحياناً- بما يزرع. والزرع الذي سقته يدي في أيام مضت، اخضرّ له يومي الكابي.

كان عندي موعد عمل قصير. أنهيته بدون انزعاج. مررت على فرع أرامكس آخذ المذكرة التي أهديتها لنفسي بمناسبة السنة الهجرية الجديدة. مع أني منذ الأمس تصالحت مع فكرة أن تظل في الفرع لبداية الأسبوع لأني مو حمل مشاوير إضافية. مررت على محل عبايات. فصّلت عباية لست متأكدة من أني سأحبها. ابتعت كاسة عصير عملاقة من محل عصيرات اكتشفته مختبئاً بجانب منزلي.

عدت إلى بيتي.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s