تمائم وبساتين

هذه ليلة طيبة. تجاوزت فيها حواجز كثيرة. كل مافي الأمر أنني اعتمدت على الحوقلة بين السادسة والسابعة مساءً. ويبدو أنها، الحوقلة، تكفّلت بالباقي.

ربما حواجزي التي اجتزتها ليست كثيرة في عددها. كثيرة في عدد المرات التي توقفت عندها ولم أقفز. أجّلت القفز، أدرت ظهري له، قلت أنني أحتاج عصىً أستند عليها كي أستطيعه.

وكنت صادقة. كل شي، كما يقول عبدالمجيد، بوقته حلو.

أجلس في ركني المفضّل. تضيء الأباجورة التي نادراً ما أعتمد عليها، ولكني في الأيام التي أعتمد عليها، أعتمد عليها. أقرأ رواية من أعمال نورا روبرتس الكلاسيكية. في وقت ما، أظن في بداية أيام الحجر من مارس ٢٠٢٠، قررت أن مهمّتي تحديد الفترة السحرية من أعمال نورا روبرتس بما أن النقاد يتعاملون معها على أنها كاتبة تجارية لا تستحق أعمالها الدراسة. على الأقل هذا مافهمته. ياحلو الأعمال التجارية المسلّية، أحمد الله على وجودها في حياتي.

المهم. هناك فرق هائل وواضح بين بدايات نورا روبرتس، أيام ما كانت أم لطفلين تمنعها عاصفة ثلجية من مغادرة المنزل لأيام، فتبدأ الكتابة لأول مرة كوسيلة لاستعادة بعضاً من العقل الذي يكاد يطير، وبين السنوات الأخيرة التي يبدو وكأن جيشاً من المساعدين يبنون، نيابةً عنها، رواية حول فكرة هشّة تنتمي إلى عوالمها.

بين تلك الفترة وهذه، هناك فترة متألقة. فترة الثلاثيات الذهبية. ثلاثيات فيها من الخيال ما يكفي، من محاولات تقديم شخصيات معقّدة ولكن نراها في المرآة وفي غرفة المعيشة والمكتب والجامعة. فيها من السحر واللغة الحلوة المقرمشة وفيها من الغرام والانتقام التسعينياتي والمفاجآت والنهايات السعيدة ما يسمح لك- أو ربما لي ولمن يناسبه ذوقي التجاري- بهروبية لطيفة من الحياة اليومية.

أعددت قائمة بكل ما كتبته بالترتيب. وقد كتبت، وتكتب، عددا مهولاً من الروايات.. ثم حددت الثلاثيات التي فعلاً كانت تأتي متتالية. من ١٩٩٧ وحتى ٢٠٠٤. هذه هي الفترة السحرية التي ظهرت فيها ثلاثية المفتاح، ثلاثية جزيرة الأخوات الثلاث، وثلاثية الإخوة جالجار من آردمور.

الرواية التي أقرأها هي الأولى من بين ثلاثية ” وُلدتُ في…”. روايتي وُلدّت من نار.

وهكذا أتسلى. وأتونّس مع ماجي التي تصمم الأواني الزجاجية في كلير غرب إيرلندا. وأتذكر قطبيّة اليوم بسوادها وبياضها، وأقرر أنني لست خالية القلب تماماً، ولكنّي أودّ أن أكون. والنيّة شجاعة والنيّة طريق.