قطّعت اليوم الكثير من البصل. وعلى غير عادة البصل الرقيقة معي، هذه المرة وصل إلى مدامعي.
اليوم واحد من أيّامي المُنهكَة.
استيقظت في الصباح الباكر، وهذه نعمة أرجو دوامها، صلّيت الفجر واستعدّيت للعمل. عندي مهمّة طيّبة كنت متشوّقة لبدئها منذ الأمس.
فتحت الجوال كي أرى ما فاتني من أمس لأني نمت مبكراً.
رسائل وإيميلات، لا شيء عاجل يقطع علي النهار. ءءء. لأ استني. وصلني إشعار بأن الأمر الذي كنت أنوي العمل عليه على مهل خلال الأسبوع القادم قد تقدّم موعده. أحتاج للعمل عليه فوراً.
دخلت، بدون أن أعي ذلك بالضبط، حالة من الأُهبة القصوى. أفتح الكمبيوتر أراجع أوراقي أتخيّل مخططاً لما سأقدّمه. كل هذا وأنا أجري عمليات حسابية تسمح لي بأن أنهي مابيدي وأعود للمهمّة الأصلية تبع اليوم وأنهيها هي أيضاً.
من السابعة صباحاً إلى الثانية عشرة ظهراً. جلسة واحدة على الكمبيوتر. هذا وأنا كنت قد استبقت الأحداث و” تسلّيت” بالعمل على الملف قبل أسابيع على أساس أن لدي وقت كافٍ قبل أن نبدأ رسمياً به.
كم أكره التعجّل. الجنّة، كما فكرت وقت متأخر من هذا النهار، ما فيها عجلة. جنّتي أنا. ما أعرف عن جنّات الآخرين.
أنهيت الملف وأرسلته ” فوراً”. شعرت بخواء. ذهبت للمطبخ. أعددت سلطة. ساهمت بدوري في استعدادات غداء الاثنين المميز. عدت لفطوري المتأخر الساعة الواحدة والنصف. شاهدت حلقة من مسلسل على أساس أنني سأعود وكلّي طاقة لمهمّة اليوم. انتهت الحلقة وطاقتي لاتزال تواصل سقوطها الحرّ في الهوة العميقة.
إن كانت هناك نصيحة أودّ أن أسديها لنفسي أولاً، ثم لمن أراد ممن يقرأ هذه الأحاديث، فستكون: القواعد وُجدت لسبب. الأصول التي كبرنا عليها في العمل، المفاوضات، التسعير، ضبط العلاقة بين البائع والشاري.. كلها وُجدت لسبب. أسمح لنفسي بين الحين والآخر، متبعةً حدسي، بأن أتجاوز هذه القواعد. في نهاية المسألة أجد أنني راضية كفاية عن اتباع ما يمليه علي إحساسي، هو إحساس عنده خبرة ورأيه له ثقله، ولكني أيضاً لم أكن لأمانع الالتزام بالقواعد بعد أن يتبيّن لي ما تبيّن. القواعد التي نكسرها وُجدت لسبب.
الساعة الآن الأربعة عصراً. خلال الساعات الثلاثة الماضية لم أفعل شيئاً سوى التحديق في الفراغ. أكتب هذه التدوينة (أهي تدوينة أم أنها لا تصل حتى لهذه؟) علّني أخرج من الإنهاك الذي يلفّني كشرشف صلاة بعد العصر. لو عليّ، قلت لليوم انته، ولنبدأ من جديد في صباح آخر.