ثلاث تمرات

أرسلت لصديقتي بالأمس أن في قلبي خشية من موعد ما. سألتني: عندك عجوة؟ قلت نعم. قالت: سبع تمرات على الريق في الغد تأمّنك طيلة اليوم.

استيقظت الصباح وأنا متشبّثة بهذه الفكرة كما كنت أتشبّث في الخامسة بريالاتي وأنا في الطريق للبقالة. أتيت بثلاث تمرات، لا أجد عندي القدرة على بدء الصباح بسبعة. الاقتداء بالهدي النبوي، على ما فيه من تتبع للسنن علّ الله يتقبّل، هو أيضاً تكنيك اطمئنان. أطمئن أني لست لوحدي، أنني أنتمي إلى سلسلة طويلة من أجيال وأجيال فعلوا كما أفعل وأفعل كما فعلوا، حتى أصل إلى سيدنا الرسول، صلى الله عليه وسلم.

أجداد وأهل وإخوة. يقدمون الدعم والسند والمؤازرة. الحمدلله.

أمر بأسبوعين حافلين اجتماعياً. عطلة الأسبوع الماضي استنفذت كل طاقتي في التعامل مع الآخرين. مع أنهم آخرين أحبهم وأعزّهم، ليسوا غرباء ولا ثقلاء. لكن حاجتي إلى استعادة توازني غلبتني. كنت أمشي في أيامي، حتى منتصف هذا الأسبوع، وأنا أحمل في قفصي الصدري ما يشبه شفّاطة المطبخ. كلما مددت يدي بأكسجين، تسرّب سريعاً من بين أضلعي وظللت أشعر بالخواء.

بالأمس امتلأ بيتنا بالضيوف على دفعات. وإن قرأت المدونة بما فيها الكفاية ستعرفين أنني ” أحتاج وحدتي كما يحتاج الآخرون لقاء الناس”. لكن حاجتي هذه ترشدّها قيمة أخرى ومعنىً مهم آخر. أن أكون حاضرة، أن أفي بنصيبي من الشراكة الأسرية، أن أضيف إلى تراكمية المحبّة، ذرّة فوق ذرّة.

ولذلك. أجدني أحمل شفّاطتي الهوائية في صدري وأضحك وأسوق الأحاديث، وإن كانت راحتي الأولى في أن أغلق باب أرباعي عليّ، وأختلي بوحدتي.

اليوم، وبعد موعدي الذي مرّ بيسر لم أتخيّله ولله الحمد، عدت إلى مكتبي. فتحت الكمبيوتر وأضفت عناوين هامة إلى العمل الذي لم أنته منه بعد. فجأة الشفاطة لم تعد موجودة، والهوّة التي تسرّب الأشياء عادت مكتفية كأن لم تكن. أحكي لصديقتي أن الأمور صارت أحسن. تضحك وتسألني: كيف صارت أحسن؟! ليس هناك أي سبب يجعلها تصبح أحسن. تدخّل إلهي.

فوّضنا إليك الأمر والتدبير يارب.

تصبحون على خير.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s