أذهب بعد دقائق، في غمرة هذا الليل، لأعد خضروات الأسبوع وأغلّفها في أكياس بلاستيكية.
هو نشاط نهاري تقريباً. لا أتذكر أنني، في حياتي، تعاملت مع الساعة الواحدة بعد منتصف الليل على أنها وقت ملائم لتحضيرات الطعام. ومع ذلك. هانحن هنا.
أتعامل، منذ شهور، مع أيامي بانزعاج صبور. النهار أقصر مما يجب. الليل أطول مما أحبّ. قبل أسبوع اقتضت ارتباطات اجتماعية أن أسهر للفجر.
استيقظت في اليوم الذي تلاه في وقت لابأس به من النهار، ولم أتعامل مع النهار بالكفاءة المعتادة. لم أقسّمه إلى بلوكّات. بلوكّ الأسرة وبلوكّ الفطور وبلوكّ المهام المنزلية وبلوكّ مهام العمل. هو كذا كذا نهار أستجمع فيه قوّتي لأسبوع قادم، فلا بأس. لأستمع إلى ما يمليه علي خط اليوم بدون تصوّرات مسبقة.
وهكذا فعلت. وسار اليوم بوتيرة بطيئة تخلّل مساؤه فيها نهاره دون كثير تركيز. وصارت الساعة ٩:٣٠ بدون أن أنتبه. قررت أنني أحتاج لشرب القهوة وكنت قد ظننت أنني قد تخلّيت عنها لليوم. فجأة شعرت أن الانزعاج الصبور، الحاضر دائماً على حافة وعيي، قد اختفى. وحلّ محلّه رضى غريب من نوعه. وكأنما تعامدت المتعامدات وتقاطعت التقاطعات أمام ناظري بشكلها الصحيح لأول مرة منذ زمن.
وجدت نفسي أقول لكيان ما، ربما هو ممثل لجسدي وروتيني وتصوّراتي عن تفضيلاتي اليومية، وأنا مستنكرة ورافعة لحاجبيّ: هذا اللي كنت تبغاه؟ هذا. اللي. كنت. تبغاه؟ أن يبدأ يومي الحقيقي، صفاء ذهني وترتيبي ليومي، الساعة التاسعة والنصف مساءً؟ والليل يمتدّ بدون مطاردات قبل غياب الشمس؟
واستمر روتيني الجديد. اليوم مثلاً. شربت قهوتي الساعة العاشرة مساءً. والآن يلفّني هدوء المنزل، ويقابله هدوء آخر في داخلي. لازال ” اليوم” طويلاً. لازال لدينا متسع لنفعل ما نود فعله.
قبل أيام كنت أقطّع السلطة في المطبخ- أقضي هذه الأيام أوقاتاً نوعية بصحبته- ودارت في رأسي أفكار قيّمة لتدوينات كثيرة. اليوم لا أتذكر منها شيئاً، ولست آسفة.
أودّ أن أستعد لأسبوع قادم مليء بالمهام. مهام عمل جوهرية، وارتباطات اجتماعية. وليس لدي خطة سوى أن أتخفف من مطالبات، أي مطالبات، داخلية. أمشي مع التيّار على الهدا، وأستمع لصوتي كصديقة تودّ أن تسهّل الأمور قدر ما تستطيع. هذه خطّتي. دعواتكم.
مرحباً فاطمة
تدوينتك جميلة وأسلوبك جذاب أحببت انتقائك للكلمات ورصها في جمل متناغمة
شعرت بالهدوء وأنا اقرأ واشتقت لقهوة المساء
إعجابLiked by 1 person
يا هلا وسهلا 🌳 شكراً جزيلاً، شعور الهدوء غالي. سرّني إن التدوينة كانت سبباً فيه 💚
إعجابإعجاب