بعد عشرة شهور من التعامل مع أمر جديد، لا أحبّه، بتّ الليلة فخورة به. وأحبّه.
أظن أنني، والأمر الجديد الذي لم يعد جديداً، سنصبح أصدقاء. وراح نعمل أشياء حلوة وطيّبة ولها مردود. ادعوا لنا بالبركة.
أقضي هذه الليلة لوحدي. الأسرة الكريمة، العائلة الكريمة بأكملها، تحتفل بزفاف أحد أبناءها الطيّبين، الكريمين، السمحين الهيّنين الليّنين. ألف مبروك. لم أحضر فرحك، ولكني أفرح لك بطريقتي من هنا. واليوم خميس، والليلة ليلة جمعة نجمية ومباركة.
أشرب شاياً بدون سكّر، بشمع العسل وبعض الزنجبيل، علّه يهدّأ من روع حنجرتي ومن كحّتي. وأفكر أنني أودّ أن أرتّب المكان من حولي. مرّت به عاصفة تجهيز الخوات وبنات العم للفرح السعيد. من ناحية أرتّبه لأجلي. ومن ناحية ثانية أود أن يكون مخبأً أثيراً ومُرحبّاً بالقادمين على ضوء الفجر وأذانه.
ليتك معنا. لكن البلاد غير البلاد. ولكل وقت أذان. أكتب هذا وأنا أفكر فيك، وأرسل السلام والودّ وكلّ المحبّة.
في المسلسل الكوري تسأل السيدة في مقتبل الثلاثين رفيقها الغافل عن حبّها: أليس لديك حلم؟ ففكّر مليّا ثم أجابها: حلمي ألّا يحدث شيء. أن أمارس يومي العادي اليوم، وأستيقظ الغد لأعمل الشيء نفسه، ولا يحدث شيء.
لا أريد أن يحدث شيء. أنا. فاطمة. لا أريد أن يحدث شيء.
ولكنها تحدث. الأشياء تحدث.
وأنا لا أحبّ الجديد. هذه ليست فكرة جديدة بالتأكيد على من يقرأ تدويناتي. ويسمع شكوتي وتذمّراتي من أي شيء قادم علي. ولكني أقول، والله يسدد الخُطى ويبارك لنا، أنني أرحّب به، بعقلي لا بمحبّتي، إن كان متفقاً مع المعاني الكبرى لحياتي. وإن لم أجده متفقاً، أرحّب به أيضاً، بروحي لا بعقلي ولا بمودّتي، لأنه قدر الله الذي اختاره لي. ونعم بالله.
ولكنّ الفكرة العظيمة التي أدركتها في السنوات الأخيرة (كثير من الأفكار أدركتها في السنوات الأخيرة، هذه نعمة التقدّم في العمر!) أن الجديد مصيره يصير قديم. وقد خُلقت- والحمدلله والمنّة، ألوفاً. لو رجعتُ إلى الصبا، لفارقت شيبي موجع القلب باكياً.
هاهااا. (ليست الضحكة، بل إشارة المنتصر عندما يقبض على فكرة مراوغة): الأمر الجديد، أبو عشرة شهور، بات قديماً الآن. له في القلب أُلفة وصحبة.
أهلاً بالغريب الذي لم يعد غريباً.
– عنوان التدوينة مقدمة لأغنية أثيرة من أغاني العبقري محمد فوزي رحمه الله.
فاطمة 