كنت اليوم، وبالصدفة البحتة، بطلة ثانوية في مسلسل سوري من ٢٠٠٩ مثلاً.
في العصر زرت عمّتي الكبرى زيارة قصيرة. دخلت عليها وهي تتريّض تريّض العصر بعد إصابة كسر قبل شهور قليلة أدخلتها غرفة العمليات. حفظها الله وحفظ لكم أحبّاءكم.
تحّدثنا كما هي العادة عن أحوال الدنيا. وسمّعتني مقطعاً لشيخ على التيك توك أعجبها وظلّت لدقائق تبحث عنه لأنها احتفظت به لأجلي (ماعندش وتس اب ولّا كنت رسلته لش) ونسيت مكانه. ثم قالت أنها وصّتني قبل سنوات بأن أفعل كل ما أريده في شبابي، آكل مثل ما أحب وأشرب مثل ما أحب وأشتري مثل ما أحب. اشرب من العسل قبل لا يتغير. قالت عمّتي.
قالت أنها كانت تسمع هذه النصيحة وهي صغيرة وتتساءل كيف وليش يتغير العسل. ولما كبرت (تضرب يديها المفرودتين بأصابع طويلة ورقيقة، وكأنها تنفض عنهما السنوات) فهمتْ أن العسل يتغير طعمه في فمّ من كبر.
قلت لها: واستمتعي بالشهبِ في الأفلاكِ مادامت تلوح. ضحكت وأخفت فمها بيدها كصبيّة خجول وقالت: هذا كلام المثقفين.
عدت إلى منزلي. وحان وقت قهوة العصرية في يوم كان أغلب نهاره متعكّر- متعكّر- المزاج. لكني في المطبخ، وسمّاعتي في أذني، وأرغب أن ترافقني أغنية ما علّنا نراضي الغزالة. لكن قصيدة إيليا أبي ماضي المفضّلة تدور في فلكي منذ أن استدعاها حديثي مع عمّتي. قررت أنني أريد ” حكايتها” لنفسي بينما أعدّ القهوة. وبدون تفكير وضعت الجوال على التسجيل، وقلت أبيات القصيدة على خرير الماء، انسكاب الحليب، قرقعة الملعقة مع النسكافيه. ثم عدت واستمعت للتسجيل، واكتشفت متعة صغيرة لكن لذيذة وهنيّة ومألوفة، في أن ترافق القصيدة العالية أصوات المطبخ.
وكأنني. بطلة ثانوية في مسلسل سوري من ٢٠٠٩ مثلاً.
عمتمّ مساءً.
سعيدة بكلامك في صباح السبت. شكرا
لك ✨♥️
إعجابإعجاب