تتعود إنك ماتكون منتمِ.
تتعود أن هذا العالم يتعامل معك ببعض الغرابة. أن كل الأمكنة ليست أمكنتك. أن هناك حدود كأنها حدود جغرافية على الخريطة تفصل بينك وبين الباقيين. ما تصير تسمّي هالشعور ولا تلحظه إلا في أوقات متفرّقة ونادرة. وتتجاوز مع العمر سطحيته- نعم سطحيته- وتركّز على أشياء أطيب.
مثل إن المعاني تجمّع ما تفرّق، وإن المواقف الثابتة والمثابرة إنك تكون على حقيقتك، على النسخة اللي تأمل تكون أفضل، راح تجمّع حولك ناس يستاهلوك وتستاهلهم. إن الانطباع الأول مو مهم. التاريخ المشترك أهم وأبقى. تقبل إن عيون حلوة تصرف نظرها عنك، تعرف إن عيون أحلى راح تزورك وتظل عندك.
لكن في لحظة ما تشوف بعينك كيف ممكن تكون الأمور سهلة- وحلوة ومدهشة- لما يصدف إنك ببساطة، تنتمي. أن بين مليارات العالم الذي قبلت أنه يتململ من لا انسيابيتك، هناك جماعة لا ينسابون، ولا يتوقعون انسيابك. بس أنك مفصّل على المقاس. وكل التفاصيل المكلكعة التي لطالما طالبك الآخرون بتجاوزها، هي بالضبط تلك التي تجعلك مطلوباً بينهم.
هذه اللحظة لا تشعرك بالحسرة. لا تقول في نفسك: أوه شوف بس كيف الأمور سهلة على الآخرين صعبة علي. بالعكس.
مكاسب اللاانتماء- الأوّلي- لا تكاد تُحصى. تمحّص الحقيقي منك، تدفع حياتك لاتجاهاتها الأحسن والأصدق بدل أن تضيع في غمرة انتماء يحملك بتياراته المختلفة لأماكن لست متأكداً من رغبتك في الوصول إليها أو حتى زيارتها. لكنك- في تلك اللحظة التي تجرّب فيها هذه السهولة- تسعد بالتجربتين. تجربة شقّ الطريق الحجري ورصفه وبناء المدن، وتجربة الطيران على بساط سحري بدون عوائق ولا قوانين.